Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
التراث المغربي
4 décembre 2013

البعد الاندلسي في النهضة السياسية والادبية والفكرية في العصر الموحدي

البعد الأندلسي في النهضة السياسية والأدبية والفكرية  في العصر الموحدي الباحثة: جهان التوكي

لعله من البديهي القول أن عهد الدولة الموحدية كان عهدا مليئا بالأحدات والتحولات والصراعات، ولعله أيضا من البديهي أن نؤكد أن الأندلس ليس كمجال جغرافي، بل  كبعد حضاري وثقافي، قد احتلت مساحة كبيرة من انشغالات هذا العهد، مما جعلها تحظى باهتمام واسع لدى العديد من الدارسين والباحثين والمتخصصين في تاريخ الغرب الإسلامي.

لهذا سأحاول أن أستعرض بتركيز شديد حضور البعد الأندلسي في قيام أوتاد الدولة الموحدية في أبعادها السياسية والاجتماعية والفكرية و الأدبية.

من المعلوم أن قيام الدولة الموحدية ارتكز عل أسس دينية بامتياز بزعامة مؤسس الدولة المهدي بن تومرت الذي أطلق على نفسه لقب "الامام"1    فكانت الحكومة، حكومة دينية- ثيوقراطية- فالمهدي بن تومرت كان متأثرا بالفكر الغزالي، وفي هذا الاطار حارب الأخذ بالفروع على عهد المرابطين، وأمر بالرجوع إلى  الكتاب والسنة، فالمنظومة الفكرية التي انطلق منها ابن تومرت، كانت منظومة ركائزها عقدية وفقهية تهدف إلى إحداث إصلاح سياسي يقوم على ثنائية الإقناع والشدة.

إن حضور البعد الأندلسي في التفكير الاستراتيجي لبناء الدولة الموحدية لدى المهدي بن تومرت، جعل أنصاره من بعده خصوصا كبيرهم عبد المومن بن علي الكومي يتجه نحو الأندلس، ولقد كان للانتصارات الموحدية بالأندلس في عهده تأثير حاسم في توطيد دعائم الدولة الموحدية سواء بالمغرب الأقصى أو بعدوة الأندلس.

لقد أدى بسط نفوذ الدولة الموحدية على ربوع الأندلس انعكاسات جد إيجابية على تدعيم أسس الدولة بالمغرب،فانعكس ذلك رخاء عظيما وازدهارا كبيرا، وانطلاقا من ثنائية اللين والشدة، كانت لهم مع اليهود معاملة خاصة، بحيث ألبسهم المنصور ثيابا سوداء،تغيرت إلى صفراء في  عهد الناصر،و لقد خاف اليهود بطش الموحدين حيث اضطر معظمهم إلى إظهار الإسلام و إخفاء دينهم، وهكذا يخبرنا صاحب المعجم أن أبا يوسف المستنصر قال " لو صح عندي إسلامهم لتركتهم يختلطون بالمسلمين في أنكحتهم وسائر أمورهم، ولو صح كفرهم لقتلت رجالهم وسبيت ذراريهم، وجعلت أموالهم فيئا  للمسلمين، لكني متردد فيأمرهم"2. وفي مقابل  هذه الشدة تجد طريقة الموحدين في الإحسان إلى الفقراء والعطف عندهم يتخذ  طابعا إنسانيا رائعا، وخير دليل على ذلك بمرستان مراكش الذي يعطي صورة مصغرة من معاملة الموحدين للفقراء.

إن أوضح تجلي لحضور البعد الأندلسي في نهضة الدولة الموحدية، هي الحركة الفكرية التي عرفت تطورا ملموسا، بعد أن أغدقت الدولة  بسخاء على طلاب العلم، وبناء المعاهد، وتجهيز خزائن الكتب لتنمية الفكر والثقافة، في تماه كبير مع النهضة والازدهار الفكريين اللذين كانت تعرفهما حاضرة الأندلس، وهكذا ازدهرت العلوم والفنون والآداب. وفي هذا السياق برز جمهرة كبيرة من علماء الدين والفقه، كان في مقدمتهم المؤسس الروحي للدولة الموحدية، المهدي بن تومرت3 الذي كان أحد أقطاب عصره،كما كان للخلف الذي تولى بعده مساهمة فعالة في الحركة الفكرية عبر إطلاق حرية البحث والتفكير، وفضلا عن ذلك نبغ في الأندلس في هذه الحقبة الموحدية علماء بارزين أمثال عبد الرحمان بن محمد السلمي من أهل شرق الأندلس، وبه نشأ ويعرف بالمكناسي، وداووين يزيد بن عبد الله السعدي النحوي من أهل قرطبة، ومنهم أيضا إبراهيم بن الحاج أحمد بن عبد الرحمان بن سعيد بن خالد بن عمارة الأنصاري من أهل غرناطة، ومن أشهرهم وأبعدهم صيتا محمد بن مفضل بن حسن بن عبد الرحمان بن محمد بن مهيب اللخمي،صاحب كتاب"الجواهر الثمينة" المتوفى سنة 645هـ. ونختم هذا الثبت القصير من علماء العصر الموحدي الأندلسي بذكر قطبهم الأكبر الشيخ محيي الدين الطائي من أهل أشبيلية المتوفي سنة 638هـ.

إن لكل دولة وآونا للنضج ، وآونا للذبول، فالقرن السادس الهجري كان أوان بداية الدولة الموحدية،ففيه أقام مؤسس الدولة عناصر الصلاح والفساد،فهو العصر الذي بلغ فيه كل شيء أقصاه، وأثمر كل عمل نتاجه المحتوم، واجتمع الخليط من عوامل القوة والضعف، والبشارة والإنذار، فكما استمدت الدولة الموحدية عناصر قيامها ونهوضها وقوتها من البعد الأندلسي، كذلك تأثرت في ذبولها وتراجعها وانهيار بالمكون الأندلسي .

                                                                        يتبع                                                                

                                                                           

1-   دولة الاسلام في الاندلس، عبد الله عنان،2/قسم2/615-616

2-   المعجم،عبد الواحد المراكشي،305

Publicité
Publicité
Commentaires
التراث المغربي
Publicité
Archives
Publicité